قصائد الديوان الأول ( رويداً بإتجاه الأرض )

 الشاعر / إبراهيم زولي                

                             فهرس قصائد الديوان الأول

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

 
 
 

 

سيرة الأطفال الأخري

   
 

 

و"حمادةٌ" طفلٌ يشاغب جارَه العاديّ

يخفي نعله

ويجدّ في تقليد مشيته

على أسمائه يتوالد المكر

الوساويسُ

الذبابُ

الدودُ

يقلقه الشقيّ "حمادةٌ"

في الصبّح يصْعدُ فوق سطح الدارِ

يُبْصرُ أوجهاً في وجهه

وأصاَبعاًً ليست أصابعا

وباح السرَّ للأطفال

فاستبقوا إليهْ

صاحُوا به ... يا أنتَ

إنّ يباسَكَ الممتدّ معقودٌعلى الماءِ

الصبيُّ يجزُّ قامتَه

بنصل منكَ كنت سَننَته لحلوقِنا

سنّوا ممراً للغناء

فناحت الأشجارُ وامتثلتْ لهم

سنّوا طريق الضوء

فانتفضتَّ عصافيُر الغلسْ

* * *

هل يرتقي أحدٌ سلالمه

يُطلُّ على الشوارعِ

كيف يخبو في الظهيرة فيئُها

ويشُبّ في جَنَباتها الأطفالُ

كيف يصوغُ أجملهم فواتح عاشقيهْ

حتّام ينتزع القصيدةَ من عيوني

طائرُ الكلمات ينفخُها فتورق بين أجنحة الضّحى

هل أضرمَ الشعراءُ من جسدي مشاعِلَهم

وساروا نحو تيهْ

أتقول حنجرتي الذي لا أشتهيهْ

أتقول حنجرتي

الذي لا أشتهيهْ

 

السبت 1-6-1991 مـ

 

 
 

 

مســـــاءلة

   
 

 

أمُرُّ أسائلُ الناسَ الذين على نواصِيهمْ

أرى شَجراً

وأطفالاً لهم في الشمس إرثٌ ليس يختلفونَ

أسألُ في المدى قمراً

يعلمُ عاشقيه الموتَ

حين ينام أهلُ الحيَّ

عن رجلٍ

يجيء إذا النعاس أدار مرِوده بعين الأهل

في كفّيه أسماءُ الأخلاّء ِ

البهاء يلفّ قامتهُ

صبّياً كنت إذْ حملوهُ

والكافور يَسْبقُ خطوهمْ

كانت فصاحة سمته القرويّ

تربكهم وتكشف دَجو أوجُههِم ْ

مشتْ من بين أيديهم

تحطّ حروفها الحسنى على شفتي

هتَفْت بهم – وسيف رجولتي الأولى يضيءُ بريقه جسدي –

لمن يتحدّث الأطفالُ

تبزغ رعشةُ الأنهارِ

أشجار المحبة هل سَتُزهرُ في صدور الناسِِ

كيف يجيء فجره حاسراً

من ذا يُكِللّه؟

أجِب يا صمتهم

يا موتهم

أويـــــا ...

أعود أسائلُ الطرقات

مَدْخلَ دارنا النيلي

بيوت الحيّ

عن رجُلٍ

...............

....................

رويدا كان يُشرق إسمه

في البال

ثم أقوله

سراً

 

                                                   30-3-1992 مـ

 

 
 

 

تجليات الفـتى الأسمر

   
 

 

قربَ تلك البيوت التي تُشبِهُ الأصدقاءَ

َنزعْتُ قميصَ الطفولةِ

فانكشفتْ قامتي

هل يعود الصغير الذي عابَثَتهُ

الفوانيس حتى يسرّ إليها حديثا

فصاح بأعلى صباه وأغفى

ولكنه أضْرم الشعر بين سريرته

فأتاه اليقين

ألم يكن الساحلّيُّ من الماء

- والعابرون أتـَوا من قوافي الزبدْ -

كيف سار الغزاة لـه

وهو محتشمٌ في الجسدْ

إنه الآن منفرطّ في الشوارع ِ

والدرب من حماً لم يُسنْ

غيـّبَ الدجُو قامتهُ

ثم حنّ إلى ظلـّهِ

شدَّه الليلُ من حزنه فانتحبْ

ما الذي تبتغيه المسافة من زنجبيل الكتابةْ

هو العشق شاهده والطيور المحنـّاة بين نزيفِ الربابةْ

فتى اسمرٌ تحت جذع النهار المراهقِ

ملتحفٌ بالقصائد والروح نافرة من يديهْ

يستعيرُ وجوه حبيباته من حقول رؤاهُ

وينقش أسماءهن على جانبيهْ

بعدما أهْــرَقَ الصحبُ زيت الجنونِ

على شمعةٍ نصف موقدةٍ في منازل مُهجَـتهِ

فاستوى شجر الحبر في كفه وارتوى

سيدي قف جحيما على كَـتفيْ

لم أعدْ أستطيع النواحْ

صاعدا نحوك الإثم يَـلدغني

هل أسير وحيداً يخضّب ما اقترفتْ ساعداك فمي

والمدارات حينئذٍ تتمثل لي عاشقاً ما اكتوى

أيكون الشقيّ الذي استنشق الزعفران على كاحليك أنا

فاكتسَى بالعلوّ المباح ْ

 

 
 

 

الرؤيــــــــا

   
 


ثم أدلفُ بوابة الغيبِ

أُحـْصي النساء الّلواتي

حبلن بظلّي

وأرضَعْـنه من نشيدِ القرى

* * *

ها أنا أرجم البحرَ

والراغبات عن العشق

– والأرض  لؤلؤةٌ –

* * *

يا أبي قد رأيت الكتابة

شاخصة تحت عَـْرشِك

والصحبُ حولك

أبصارهم دونها رمحك الجاهلي

- ليس وحدَك من يعرف السرّ -

قال الرفاق وهم يمرقون خفافاً على ساحل الروح

فانفجرتْ غيمةٌ في شوارع قلبي

سلامٌ على الصحوحين

يفاجئه المطر المغتصبْ

أتحسّس وجهي

وضاحيةً باركتها المليحات

أولى لكم شجراً واضحاً

ثم أوقدنه حول عشب الرؤى

 ُطفن حول قميص أبينا

وقلن لـه أنني وردُهُ المصطفى

واسترحنَ إلى ظل دالية في الجسدْ

صوتها واقفٌ

كنهارات صيف وفي سقفها

قمرٌ من مسدْ

* * *

 خرجوا صبيةً من شعاب القصيدة

وانطلقوا للقرى

بعدما أفرغت ذكرياتكَ كلُّ طيور المدينة

وأنفضّ سامرها الدمويّ

* * *

سقطتْ زهرة في يدي فارتعدتُ

وهلّت دموع الصبا فاستعذتُ

لأني رأيت على مهلٍ

يصعد البحر

المشنقةْ

 

 
 

 

هجس العشيّ المعْلن

   
 

 

((إلى شقيقي محمد الذي يقاسمني الأسئلة الصعبة))

وحده كان يستقبلُ الغائبين

أوان الهجوعْ

ذات حلمٍ رأى ما رأى

قالت الأم يا ...

فبكى

وجهها العنبيّ يلم قصائدَه

جمرة جمرة

ويجدّلها فوق جدران جاراتها

شجراً

أخضراً

مرة غاب عن داره

لفّ أغصانـَها كلُّ مكْرِ القرى

خرجتْ أمـّه للسواحل مذعورة

ولّت الطرقات إلى البحر

واقتسـَمـَت إرثَـَه

حينها زَجـَرتْ طائراً فرّ من ضلع سيده

فاقتفى قمح آثارها

ومضَتْْ باتجاه السعير

تخـــــــــــب     ّ

تخــــــــــبّ

فأعلن في السرّ أن صباحا أتى

* * *

أيـّها الشعر لا تبح الآن أسرارنا

أيـّها القفر لا تفتح اليوم نافذة

للظهيرة كيما تمرّ بأجسادنا

إن روح المحبين ما ابتـَردت

من جـــــــــــوى

البارحةْ

والفضاء المزوّر ليس لنا

وحَنـَى رأسه

مثلما الطفل تفضحه

نجمــــــــــــة

جارحةْ

بعدها عنّ للشجر المتوزّع في القلب

أغنية من نشيج العصافير

فابْتـَهـَجت روحُه

بالبكاء الوقور

لقد جاءكم قبسٌ من دمي

فانظروا ما الذي تفعلون

تلك سيماه فوق نواصي الحميمين

جاسوا بها الرمل

غاروا على الرعب

والفىء

للأهـــــل ...

هل تختلف ؟

ضمد 20-5-1990 مـ

 

 

 
 

 

التهـــــــامي

   
 

 

قل للتـُهامي

يقرع الأبواب

ميلاد

البشارات

أمّحى

البحر عريانٌ

وساحله لهبْ

والغائبون عن الحقيقة

قل لهم

إنّ الحقيقة للتُّهامي

في قرىً تَـسْـتـَمطُر الأنواءَ

في ُبرج الظماَ

فَلِمَ الغراب الآن

يذرع أفقها

- حلّقْ بعيداً يا غراب -

إن الوجوه من التراب اسْـتَـَحْـلّـفتـْها الشمس أن تبكي الرجالّ

إذا الرماد

تسلق القامات

وافتضّ البلاد

ويد النساء

تخطـْن أثواب الحدادْ

- حلّقْ بعيداً يا غرابْ -

عن بيدر الوقت الجنوبي

والنهارات الفقيرة

وانحناءات البيوتْ

***

بيني وبين الماء وادٍ باتساع الخوف في

وجه التهامي والطريق تشيطنتْ

فتسمّرَ القرويُّ

واجْـتـَـرحَ النشيدْ

"إن تَتْهُمي فتهامة وطني"

أو تحتويني

فالـــــردى

وعْــــــــديْ

- حلّقْ بعيداً يا غراب -

* * *

النملُ دبّ على

شفاه الغيم

والإعصار نارٌ حاميةْ

تكوي عروق الشمس

والطفل المسجّى عند أسوار المدينةِ

والرعـــــــاة

يسائلون البهم

عن عام الحصاد

وعن تفاصيل الأكفّ الداميةْ

والأثل

مدّ سلالمــــــــــاً

كي يعرج الفلاّح

يَــســتْـقرِي كتاب النار

والزمن الخصيب

يُعيد ترتيب الجهاتِ

على خرائط وجهه القمحيّ

والغربان

تبذر بين خاصرة السنابل

مفردات الموت والليل الأخيرْ

 

 
 

 

رويداً بإتجاه الأرض

   
 

 

نجمةٌ في ظلام المنازل قال الذين

اهتدوا بعد ترتيل آياتِها

لم يكن مثلها بين كل الصبايا هنا

وقَـَـفَـت عند باب القصيدةِ

ألقت تحيتها

راودتها البلاد على طـُهـْـرِها

فـــــــاحتمتْ بيـــــــــــــــدي

والرجال يولّون قاماتهم شطرها

* * *

نجمة في القرى

ناشها الليل حين استوى

في الجزيرة

فانتبذت جهة

مهملةْ

* * *

فتيةٌ يسألونك

كيف يكون الطريق لنا

والمدينة حافيةٌ دونما سُرُجٍ

في صراط العشاء الطويلْ

هل ترى بَهْتة الفجر

حين يسير التلاميذ في فرحٍٍ

خطـــــــــــــــــــوة

خطـــــــــــــــــــوة

- والشوارع نائمة في الحقائب -

يَـتْـلون من نبأ الليل نجمته

حينما ظللت آخر الراحلين إلى سرر البحر

      وانتــَصبتْ في دمي

* * *

طلْعها المتطاولُ

شقَّ فضاء الظهيرة

فاندلقـــــــــــتْ

غيمـــــــــــــــــــــــةٌ

في يديها التي مسّها

شبق الأمكنةْ

* * *

هذه نجمة

قيل ما قبّلت كفّ سيدها

ينتمون إليها الرجال

إذا يمّموا للسُّــــــرى

واصطفوها – قديما – على الرأس صارية

عندما خبأت سرها

في مـــــــــروج

الجنـــــــــــــوبْ

* * *

أيّناسلّ سيف الطفولة واعتمرَ الأرض

أسْرى بها بعد ما نام ساداتها

حيث لا ينثني شجرٌ صامدٌ في القلوب

* * *

أحدٌ قال لا

في وجوه العرائس

ثم انتفضْ ؟

 

 

 
 

 

الحجـــر البرتقالى

   
 

 

دخانٌ يشقّ المدى

ويمطر في الأفق ألف سؤال

وتـَرضع من سرّه الريح

والشــــــمس

والأوجه الثائِرهْ

هو الحجر البرتقالي

أتى متشققة قدميهِ

به لعنة الانتظار

وتزهرفي جانبيه

"ف – ل – س – ط – ي – ن"

تلك التي هدّها الأهل

والأحرف الباليةْ

لك المطر الأبيض المستحيل

وكـــل نهـــــــــارٍ

صباحاته عاليةْ

كما شئت كن

وتـَــنـَاسى بأنـّّـا هنا

نغازل هذي النجيمات

نكتب في ألق البدر شعرا

وأحلامنا نـَـتـَوسدها وننام

ننــــــــــــــــــام

* * *

تثاءب فيك الربيع

فأشعلته موقدا

فلسطين أنت وأنت

إلى يوم

يُحـــــــــــرق

فيها العـِدا

* * *

بك اليوم يا أنت

والحجر

البرتقالي

نلمَّ شتات القبيلة

ننصُبُ خيمتنا

ونقوّم أحرفنا المتقوّسة الفارغةْ

فسلام عليك

سلام عليك

سلام عليك

إلى أن تضئ

لنا الموعدا

 

2-6-1988مـ

 

 

 
 

 

الســــــــر

   
 

 

والعصافير التي لم تكتسِِ

بالشجر الليليَّ

قالــــــــــت

القرى أضرحة

والأفق ماء

عندما تلتئم الأشياء في كفيك

كن ذاكرة

تنسل من

قاع القصيدةْ

كن لنا فاتحة الطرْق

أعِـدْ للمدن الخضر

الخلاخيل

الفراشات

التفاصيل التي ما اغتسلت بالبحر

قبـــــــل البـــَــــدء

هذا موسم في خطوه

          حلم البـــلاد

علق الأسماء

 في عنقود قلبي

واكفّ الريح القتْ معطفاً

من جسد الشمس عليه

احتواه الضوء

احْنى قامه

        الصحراء

لكن !!

بيننا ياامرأة في التيه

هذا الساحل الممتدّ

حتي وجعي

الأسئلة السمر هنا ما اتّحدتْ بالنور

وما بـــــاح

سوى الأطفال

في الحيّ بها

حين كان المطر الاخضر يشتدّ

يُحنّون الأناشيد

ويغشى الشارع الكحليّ

من فاكهة الغيم

مصــــــــابيح

   صغيرةْ

.........................

.........................

َمنَ هنا يخرج

من لؤلؤة الوقت

الظهيرة ؟

هذه نجمة رؤيايَ

امّحت من غيّهم

واستـَـتـَـرتْ في لغة النسيان

نجوى الأرض هل تختلف الرؤيا

على رمــــــــــــل

الجزيرةْ؟

 


 

 

 
 

 

صــــــــورة

   
 

 

تمدّ سواعدها في الفضاء

وأقدامها تتشجَّر تحت التراب

سيوف التقارير

تشْـطرها

وتجرّح وجه الطفولة فيها

تسلَّمها للنسور

تنقّر أعينها

فيسّاقط

الجسد

القروي

وأحلامها

تـَتـَبعثر خلف مرايا الرعاة

فيتلون في إثرها "الفاتحةْ"

* *  *

تفيق المليحة

ذات نهار

تفتـّش عن وجهها في عيون الصبايا

اللواتي

تناسَلن

من تعبٍ

شبقي

تـُسائلُ عن ظلها

وطيورٍ جنوبيةٍ

تسكن القلب

والشجــــر

المستحيل

تقول أعـِرْني

دمــــــــــي

أثراً للحبــــقْ

أو بقية إرثي

أحاديث أهلي

أقــــــــــــــــــول

لهذي المليحة

ألســــــــــــنةٌ

مـــــــن ورقْ

 

 
 

 

الآخـــــرون

   
 

 

دونما سببٍ

خبأتني القرى عن بنيها

وما لمحتْ في قميص الحكايات

من دمهم شارة

أو رأت في شفاه المزامير

فأَفأةً من مياه أناشيدهم

قادمٌ باتجاه البيوت

التي يعرف الكف أبوابها

باتجاه العيون التي يُغرق القلب أسرارها

ولكنها أنكرتني الشوارع يا أبتٍ 

كم تحبّ الشوارع كنتَ

التي لا تخون هواجس من يَعبْرون عليها

وفي الفجر توقظهاِ

وتُعدّ لها من ظلالك أجملهم

* * *

لم تعد للرياح مواسمها

- كانت الريح مختالةً -

وتجيئك وحدك دانية

إيه .... يا أبتِ

علّقَتْك لياليك فوق مشنقةِ الذكريات

تمرّ طيور المساءات

تلقط من خبز رأسك أحسنه

وتحط به بين مائدتي

* * *

كانت الساعة الآثمةْ

حين دق الغزاة على الدار

واغتــصَـبَوا وردة من حدائق عينيهْ

قبّلتْهُا ثم سويتُها وطناً في القصائد

أهزوجة في شفاه البناتِ

هلالاً على منكب الليلِ

فأل سنبلةٍ في الخريفِ

وأول تلويحةٍ بالطريقِ

مناقير ألبستها صوت أسمائنا الحاسمةْ

قال لي سوف أرجع في صحوكم

حين أضغاث أحلامكم

وأقص لكم ما تعسر من شررٍ

كنت أنفثه من فمي

لقناديل ناعسة بالشبابيكِ

ما أعلنت لحظةً

أنهم قادمون هنا

أنهم قادمون

هنـــــــــــــــــــا

إنهـــــــــــــــــم

قادمون لنـــــــــــا

 

ضمد 13-8-1990مـ

 

 

 
 

 

قصيـــدة الحلم

   
 

 

في براري الكتابة

أبصرته نافراً بين عشب الحروف

- هو الفرس الحلم -

أنشأه الشعراء

على عُرُش الريح

فانتشرت في الجهات ملامحه

والمليحات ساوَمنْه فأبى

وتولّى

وحين تغيب ت غ ي ب الكتابة

سائسُه الفقراء

يحنّون أطرافه

يحفرون لـه بالأظافر

فوق جدار الفراغ حقولاً

لها نكهة الجوع

أو قمراً كارتعاش السيوفْ

* * *

خاطبته البلاد علانيةً

أرنا وجهك السرمدي

فجأة

البخور الذي في الجزيرة فاحْ

وانجلّتْ نجمة في فضاءات أرواحنا قيل

قد طَـمـَستْها على غــِرّة

ذات غيمٍ

جــــــراحْ

ضمد14-8-1990مـ

 

 
 

 

عــودة التتــار

   
 

 

خلسةً من نخيل العراق

وفي غفوة الرافدين

أتى توأمَ الغدر طائرهُ الدمويّ

فأشعل غليونه من حياء البُنيّات

خاط ملابسه التترية من جسد الشعب

- والشعب في خدَر البعث والنكث والسفكِ -

قال لـه وهو يوقُد في عُشْب خاطره حطب الحرب

قم زوّج الإفك بالوردِ

والدود بالندّ

وأطوِ الحرارات في دمك المتفسخ بالبردِ

قل أيها التتريُّ

ألا أيّها النازحون إلى بلدٍ من حمام

ألم تبصروا للجهات

ولم تبصر البوصلةْ

عَدَتِ الطائرات على جملةٍ من عصافيره المطمئّنة

وهي تهدهد آفاقهُ البيض

أقصت بنادقكم قامة السنبلهْ

كيف عنّ لكم قصف داناته غيلةً في العشيّاتِ

وأد أطفاله

واعتقال نوارسه

دانةٌ في الخليج إذا استعرت تستحيلُ إلى قنبلةْ

* * *

أيها البربريّ

أناشيدنا الحمرُ من قبل ما التمعتْ

نحن في الأفق زمجرةٌ عاتيهْ

- "إذا بلغ الرضيع لنا فطاماً"

علّمته الجزيرة

أن يحفظ الأرض

والعرض

لا أن يصب على

بيت جيرانه ناره الداميةْ

ضمد / 1990مـ

 

 
 

 

مسافـة لشجــر الكلمـات

   
 

 

من ضلعي الأيسر

يخرج طيرُ الحبّ

على فمه

شررٌ أبديّ

يرسم في الأرض

حــــــــــــدوداً

لا يتجاوزها

نظرات الناس تلاحقه

...... الناس الأشرارْ ......

يمرق من طرقات الإسفلت

المتمدّد كالثعبان ..

وينقرّ ذاكرة الوقت المتحجّر

يكشفُ سوءتهَا

ويعري هذا الرمل الطاعن في العقمِ

الكلمات اعـْتـَمـَرتْ وجه

المـــــــاء

انتعلت

سرّ النار

العشاق تباركُهم

وتقبّل فرسان الخيل الأبرارْ

* * *

طير الكلمات الدموي ّ

استشرى في جسدي

ويقاسمني السهر الليليّ

ينام مع الجوعى

الليلة غردّ في شفتي

فأتيت لكم

بالمـــــــــــوت

الأجمـــــــــلَ

من هذا الموتْ

 

16-11-1988مـ

 

 
 

 

صاحبــــــي

   
 

 

صاحبيّ دنا الليل

هيا اسمرا قُرب روحي

السراج الذي كان

يــفْـضـحُنا بلسان الشعاع انطفا

واختــفـىَ

سِـرُنا للأبدْ

أنتما سعف العين

يا صاحبيَّ القرى

اكسرا فرع قلبي ونوحا عليهْ

ليس وحدكما في الفؤاد

قفا كي نموت على ضفتّيهْ

 
 
 

 

إنتظـــــــــــار

   
 

 

صبّ قامته في انتظار الرغيفْ

ســـــــــــاعة

ســــــــاعتين

به شهوة للصراخ يشتـّت صمت الجموع الكثيف

تذكّر أن القصيدة والخبز

مختصمان

 

 
 

 

خصــــــــوبة

   
 

 

أنت من يستعيد ملامحه

المَطـَرية في زمن الجْدبِ

يـَســْتـرسلُ الخصب في جانبيه

ألا تستطيع إذا نبتتْ رغبة

أن تصُبّ طمأنينة

الطهر بين الجسدْ

 

 
 

 

الصـــــــــوت

   
 

 

جاءني الصوت

من جهة في السرير

أ أنت الذي شقّ سقف الغمامة

فانفلقت نجمتين

ومن علّم الرمل أن

يتباهى بسمرته

جاءني الموت

واصطفق الباب

...................

..................

ألمحُهُمْ يلعقون دمي

 

 

 
 

 

بــــــــــــراءة

   
 

 

بــريءٌ أنا من دم المدن العربية

من تُخمةِ الليل

في عـَرَصات مطاراتها

وبريءٌ من الأرض

تلك التي استــَجمـَرتْ

بالحجارةْ

 

 

 
 

 

ثــــــــــأر

   
 

 

تحلَّقت الشتلات

على الأرصفةْ

فدسّ الدراويش

في جذرها فيلقاً

من جراد ْ

 

 
 

 

انــتماء

   
 

يحاصرني الماء

في وطن الكلمات

وفي قرية لم تُرى

في الخرائطْ

 

 
 

 

تكــــــوين

   
 

 

من الموت

حتى الولادة

تُبـْقِي القصيدة

أشجارها في الموانئ

ألوي لها عنق اللحظة القادمةْ


 

 
 

 

رؤيـــــــــا

   
 

 

تظللتُ تحت سماء اللغةْ

فتساقطت الكلمات

على شجر الذاكرةْ

مطــــــــــراً

وشموساً صغيرةْ

 

 

 
 

 

الأحـــرف الأولى فى الفصل

   
 

 

اكتبُ الأشياءَ

والمحماة حمقاء

وكفّى

تتهجّى الأحرف الأولى

وأشكال الظهيرةْ

تسأل القادم

من قعر المسافات

متى عاد له

وجه العشيرة

تفتـُـلُ الأسئلة البيضاء

في حنجرة الأستاذ

والأطفال

يحثون على وجهي غبار الكلمات

* * *

عطشٌ ينبُتُ في الفصل

يجزُّ الآمن من حلقي اعترافي

آه ما أبعَدَ

هذا الماء عن

ريحانة الوقت

وعن فاتنة تحلمُ

بالضوء الخرافي

* * *

حينها أزورّت خيول النفي في صدري

 وساقتها عصافير الكتابةْ

أيها الباحث

عن اسمي

وعن طقسِ

السكينهْ

شجر الخوف

تنامي في قرى الروح

وفي ظل المدينهْ

فارتدت جمجمتي

شامخة

سرّ سحابةْ

* * *

يُبصر الأوراق

والأطفال

والسبورة السوداء

تخفيها المرايا

وطباشير بليدةْ

* * *

وحده

كان

غريباً

في سماوات القصيدةْ

 

29-11-1988مـ

 

 
 

 

العصفــــــورة

   
 

 

تسْربلت الضوء

واقتــعَـدَتْ في أعالي الغناء

لها شارعٌ مفردٌ

والوجوه صدى

ورماديةٌ

عندما تكتوي

بالمــــــــــــدى

وردةٌ للصبايا

وريحانةٌ للقرى

ولها شالها الذهبي الذي ما انثنى

من غبار الجسدْ

تقولين

إيـــّاك

إيـّاك أن تقرب الشجرةْ

تحتمي بصقيع البلاد

وأن تَـتَـدَثـرَ

بامرأةٍ مطفأهْ

وأقولُ

لعصفورة الروح

هزّي جذوع المدار

تُساقط

   أسئـــــلة

         مبهمةْ

أخرجي من جحيم الدوائر

من شبق البرد

فليحتويك

اللهب ْ

* * *

توحدت فيكِ

استحلتُ إلى غابة من ضياء

وأفردتُ جسْمِيَ

جدّلت هذا الصباح ظفائر للعابرين

على جسد

الماء منذ انتسبْ

* * *

أنا فارس الفاتحين

استبحْتُ حِمى الشمس

رتقْتُ ثوب الظهيرة

بالمطر الغائب / الحاضر . الحاضر / الغائب

الآن يورِقُ

في دفتر البيد

موّال عشقٍ طفولي

سماءٌ ... وأهلّ .. خيمةْ

عـَدتْ مهرة الروح

فوق الفواصل

والوجع الأزليّ

وألقت على الناس

من سرجها الخصب غيمةْ

تعلّقت فيها وقاسَمتْهُا التعبَ الساحليّ

المخاضَ

الولادةَ

سمّيتها باسم هذي

البلاد المطرْ

 

 
 

 

النعــــــش

   
 

 

مساءٌ مدّ قامته انتمى للطين

في زنديه يكْسِرُني

هنا الأبواب

تصلبُ رؤية الأشياء

غصنُ الصوت

أحنى رأسه

لكنّه ما ابتلّ

هل في الماء متّـسعٌ

لأطفال القصيدة ؟

لا جُناح على الرجال إذا استووا في الخبت

ذا سمرٌ

وتلك صبيّةٌ جاؤوا على

أسمالها

بدم القرى

يا سيّد اللحظات مُدّ لنا الظهيرة

واسقْنا نخب الحُداء

الأهل ينقسِمون

حول الحقل

في ساعاتهم رمد

الغناء المرّ

تبّت جمرة

لا تَقتعِدْ حلق الكتابة

والمدى

شَــــرَكٌ

* * *

إذا الأختام نزَّت من سواعدها سلاسل

أفرُكُ الظلّ المراوغ

ثم أبكي

هل أنا لا أشُبه الرفقاء

لا بل ..

هل أقول ؟؟

هنا الخفافيش التي لم تـَـستْعِرْ أسماءها

والقلب من ظمأٍ

ينادم سِره الكلمُ الطهورُ . .

* * *

- فما ترى

- الصحراء هاجعة على عينيّ لم تُفضض غشاوتها

ترتّل في حضور النعش

بسملة الفصول الخضر

فاندلعت

حرائق قرية

خَلعَتْ أساورِها

وألقتها بصحنْ البيد

بوصلة

وأغْفَتْ في

مفاصلنا

 

 
 

 

الرمـــــــاد

   
 

 

لم يعد للحقيقة شكلًُ يليق بها

فاجأتني الأصابع

دمدمةٌ في الضلوع

انطفاء ُ فمي

لم يعد للمنازل وجهٌ

يليقُ بها

والرماد تسدّ جناحاه آفاقنا الماطرةْ

يشتهي طعن خاصرتي

واحتواء سريري

دمـــــــــــــــي

ساحة الدار

قال لـه موعداٌ في القرى

يتها الكلمات التقـِمْنَ الرماد

لئلاّ يهبّ إلى الذاكرة

 

 
 

 

ذهــــــول

   
 

 

في الطريق إلى حيّـنا المنزو

كنت مغتبطاً

أستعيدُ وجوه الذين اكتووا

من جحيم الكتابة وانهزَموا في العشيّاتِ

لكنـهّم بغتةً يطلعَون من البحر

من شجرِ الحمضِ

ألمحهم في سِلال السمكْ

أول الشعر – يا زمناً للغواية قد غربا –

كان صحراء من غزل للحبيبة

..................

...................

آخرُه وسوسةْ

 

 

 

 
 

 

حـــالــــة

   
 

 

مدّ طيرُ القصيدة منقاره في بحيرة روحي

أطــــــــال

أ – ط – ا – ل –

- على غير عادته -

لم أعد أستطيع

هتفتُ به أيُّها الـ . .

كان قد غاص حتى الوجعْ

 

 

 
 

 

الكلمـــــــات

   
 

 

 الرياحُ التي لا تهزُّ

الأثــــــــــاث

القديم

ولا تكنسُ الطرقاتْ

لا تسمّى رياحْ

مثلما

الكلماتْ!

 

 
 

 

 

الصــــــــــبيّ

   
 

 

الصبي الذي شاغَـبَـتـْه

القصيدة في أعْذب العمر

وانتـَبذت خافقيهْ

الرفاق الذين يجيئونه

آخر الليل

أعينهم لا تحبُّ سوى السهر المشتهى

يجدِون الوسادة

والحبرَ

رائحةَ الشعر

لكنهم لا يجدون الرفيقْ

* * *

الصبيُّ الذي شاغبتْهُ

القصيدة في أعذب العمر

أسْرَتْ

به روحه

للحريقْ